قبل الدخول الى هذا الموضوع الحيوي الهام، سوف أبدأ بقصة السلطان العثماني محمد الفاتح، الذي على يديه فتحت القسطنطينية (اسطنبول حاليا) وغير مجرى التاريخ وغير الجغرافيا.
وُلد محمد الفاتح فجر يوم الأحد بتاريخ 20 أبريل، 1429 م، الموافق في 26 رجب سنة 833 هـ في مدينة أدرنة، عاصمة الدولة العثمانية آنذاك، أبوه السلطان مراد الثاني، وهو من اعظم سلاطين الخلافة العثمانية، فعهده الى رجلاً له مهابةٌ وحدّة هو أحمد بن إسماعيل الكوراني، ليعلمه القرآن واللغة العربية والعلوم الاخرى ، فعند التقاءه به للمرة الاولى وكان طفلاً ضربه ضربا بقضيب كان بيده، دون ان يبدي له سبب ضربه، مما سهل عليه التعلم والتأدب ولم يعترض والده على تصرف المعلم الكوراني، وقام هذا المعلم بترسيخ المفاهيم والثوابت الاسلامية فيه وقام بترسيخ طموحات كبيرة لدى هذا الطفل كبرت معه الى ان وصل الى سدة الحكم، وسنذكر لكم لاحقاً أثر تربية وتعليم هذا المعلم العظيم على هذا القائد الذي غير مجرى التاريخ.
موضوعنا هنا يتحدث عن بعض السلوكيات المجتمعية على كل المستويات والطبقات في تربية الابناء الصغار وتنشئتهم التنشئة الصحيحة والسليمة او ان تكون نشأتهم عكس ذلك.
هناك العديد من الاسر وحسب امكانياتها المادية والثقافية، تتجه الى استقدام مربيات من الخارج لرعاية ومتابعة اولادهم الصغار، فنجد بعض الاسر الميسورة الحال تجلب المربيات الاجنبيات المتعلمات لرعاية وتربية اولادهم دون النظر الى معتقد هذه المربية ولا الى عاداتها وبنية ثقافتها، فتُغرس المبادى والقيم والاخلاق بالنقل المقصود او غير المقصود الى هذا الطفل ودون ان نعي نحن الكبار تلك العملية، ودون ان نحس، لنتفاجأ بسلوكيات وافكار الولد او البنت عندما يكبرون لا علاقة لها مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدينا، ولا يربطهم بمجتمعهم سوى الاسم وملامحهم احياناً.!!
من الامور الملاحظة بشكل ملفت للنظر ابتعاد الاهالي عن اولادهم في الكثير من المواقع حفلات اعياد الميلاد في الاسواق في قاعات لعب الاطفال نلاحظ وبوضوح الذي يقف خلف هذا الطفل مربيته او ما نطلق عليها محلياً (خدامة الولد)، فتتكون علاقة غير طبيعية بين الاثنين تبينُ نتائجها بعد ان يكبر هذا الولد ، وخاصة اذا كانت تلك المربية على ثقافة عالية تستطيع من خلالها ايصال ما تريد ايصاله من عاداتها وتقاليدها ولغتها. ولغتها .. هنا نقف قليلاً!! فالعديد من الاسر تركز كثيرا على احضار المربيات اللواتي يتكلمن اللغة الانجليزية التي تكون بداية نطق الطفل بها.
نعود لمحمد الفاتح الان، فبعد ان تسلم الخلافة العثمانية خلفاً لابيه ، دخل عليه معلمه ومربيه وقال له: الان انت اصبحت السلطان وحاكم هذه البلاد وما يتبعها باستطاعتك فعل ما تريد، وارى ان هناك شيء يجول في خاطرك وتريد قوله لي.
قال له السلطام محمد الفاتح: نعم عندي سؤال اردت ان اطرحه عليك من زمن، لماذا ضربتي في اول لقائي بك من دون ذنب اقترفته.؟!!
قال له المعلم الكوراني: هل احسست بالظلم؟
قال السلطان : نعم.
قال المعلم: لاني اردتك تحس بمرارة الظلم حتى لاتظلم احداً وانت تجلس على هذا الكرسي.
ونذكر هنا ايضا الشيخ آق شمس الدين ابن حمزه وهو احد معلمي السلطان محمد الفاتح، الذي وجهه منذ الصغر الى الجهاد وفتح القسطنطينية، ويعتبر الفاتح المعنوي للقسطنطينية.
وقال الرسول صلى الله علية وسلم "لتفتحن القسطنطينية على يد رجل ، فلنعم الجيش جيشها ولنعم الأمير أميرها"
وهذا كان دائما ما يكرره عليه ويذكره بالمجد، وحاجة الاسلام لتأكيد صدق كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي سيتحقق لا محاله ويجب ان تكون انت من قصده رسول الله، فتحركت كل خليه في جسم السلطان الشاب وامر بالاعداد لفتح القسطنطينة وتحقق ذلك بعد احد عشر محاولة بدأت في عهد الخليفة علي ابن ابي طالب رضي الله عنه.
اخواني واخواتي الكرام لابد ان نأخذ هذه القصة عبرة ونعكسها على واقعنا من اعلى المستويات الى ادناها وان نختار الاشخاص الصالحين لتربية ابناءنا على الاخلاق الاسلامية وعلى عاداتنا العربية، لا ان نتجه الى الغرب والشرق وان نستقدم من يغرس فيهم معتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم ليخرج لنا نشاز لا نتقبله ولا يتقبله المجتمع.