الأحد، 16 سبتمبر 2012

ظاهرة البلاك بيري



تعبر الطريق.. بعد ان اوقفت سيارتها في الموقف المخصص للسيارات، عبرت الشارع دون ان ترفع نظرها للاعلى، ودخلت تمشي الى شارع متفرع به دكاكين لخياطة الملابس، كانت منهمكة في شيء صغير تحمله بين يديها، تنظر اليه بابتسامة خفيفة دون ان تحس ما حولها.. سيارة في الطريق تستعجل خطواتها .. ونظرات السائق غير الودودة لها، لانها قد أخرته "ولو لثواني" عن استكماله لرحلته ..


 البلاك بيري .. ذلك الجهاز الذي يقتنيه الصغير قبل الكبير، والطالب قبل الموظف، و المسئول و التاجر و الكل في مجتمعنا، فيستخدم كوسيلة مسلية وناقل للاخبار والاشاعات والنكت الاجتماعية بين عديدة مستخدميه.


 تم اختراع البلاك بيري من اجل التواصل الاجتماعي وللمعاملات بمختلف انواعها، مواكباً لعصر السرعة التي يُلَوّن عصرنا هذا، وقد استخدمه قادة الدول والساسة في العالم للتواصل واتخاذ القرارات السريعة والفعالة .. لانه الوسيلة السريعة السهلة والآمنة من الاختراقات.


اما في مجتمعنا فهو كما ذكرنا اداة للتواصل الاجتماعي فقط (الادعية الدينية ونقل التحية والاخبار والتعليقات والنكات وغيرها من الامور)، بالاضافة الى استخدامها من قِبل البعض في علاقاتهم التجارية والعملية.


ولكن ما نعده ظاهرة سلبية هو استخدام الاطفال والشباب اقل من ١٨ سنة لهذه الوسيلة، مخالفاً لما حددته النظم والاعراف الدولية بعدم السماح لمن هم اقل من سن ١٨ من اقتناء اجهزة الاتصال الخلوي، لما له من تأثيرات مباشرة على صحتهم وعاداتهم الاجتماعية.


تعتبر شريحة ما دون ١٨ سنة هي الاكبر من بين مستخدمي البلاك بيري في مجتمع الامارات ، ونراها جليةً واضحةً في مجتمعنا، خاصة عندما نرى الاهالي هم من يشجع اولادهم و يوفرون لهم هذه الاجهزة دون النظر الى خطورتها على ابناءهم وخاصة الصغار منهم، وغير ومدركين الخطورة التي قد تؤثر على صحتهم وسلامتهم.


بالاضافة خطورته الاخرى في استخدامه غير الآمن وخاصة عند قيادة السيارة، مما سبب ذلك حوادث فاجعة .. راح ضحيتها العديد من شباب هذا الوطن، عند استخدامهم هذا الجهاز وازراره الصغيرة، وجمله التي تقرأ بالمكريسكوب، فيندمج سائق السيارة فيه اكثر لانه يحتاج الى تركيز عند القراءة وعند الكتابة، فتحصل الحوادث خلال جزء من الثانية ونندم حين لا ينفع الندم.



تشجيع شركات الاتصالات



شركات الاتصالات التي تشجع وتُصدر العروض الترويجية بين الحين والآخر، غير مبالية من يقتني هذه الاجهزة، وكيف يتم استخدامها واستغلالها، فهمها الوحيد بيع اكبر قدر من الاجهزة على اكبر عدد من المشتركين،  فاذا كان تلك الشركات تريد زيادة ارباحها ومدخولاتها، فكان لابد وان يواكب ذلك تشريع يحدد مستخدمي هذه الاجهزة، وتنظيم حملاتٍ توعوية توجه الى خطورة الاستخدام غير الآمن لها وأن تبين لهم كيفية واهمية استخدامه.


وبالرجوع للاحصائيات وقد بلغ عدد مستخدمي اجهزة البلاك بيري في الامارات حوالي ٨٠٠ الف مستخدم في الشركتين(اتصالات و دو) استخدم هؤلاء اكثر من ١٣ مليار رسالة خلال عام ٢٠١١ فقط، وهذا رقم كبير جداً في مجتمع صغير مثل مجتمع دولة الامارات، ويعتبر من اعلى معدلات للمشتركين في العالم مقارنة بعدد سكان الامارات الصغير، وهذا حسب تقارير احصائية صدرت عن هيئة الاتصالات بدولة الامارات.





اتمنى من الجهات المسئولة اعادة النظر ودراسة هذه الظواهر والعمل على تقنينها ووضع الشروط اللازمة لها ملزمة لشركات الاتصالات عند تنفيذ عملياتها الترويجية لبيع والزامها بعرض المخاطر التي قد تحدث عند اقتناء من هذه الاجهزة وخاصة على النشء حتى لا نعض اصابع الندم على ضياع مواردنا البشرية من مواطنينا، بالاضافة الى ذلك نوجه وزارة تنمية المجتمع ان تعمل على محاربة هذه الظواهر السلبية بتكثيف حملات التوعية للاسر والافراد لنكون مجتمعاً مثالياً يعرف كيف يستغل موارده التقنية والمالية باقتدار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق