الخميس، 10 نوفمبر 2011

تركيا وثقافة التزاور وصلة الرحم

ثقافة التزاور الاسري وصلة الارحام حثنا عليها ديننا الحنيف ، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه). ان زيارة الارحام تزيد في الرزق وتطيل العمر، وما امرنا به روسولنا من شيء الا فيه خيرٌ لنا وبركة، فيجب علينا الاخذ به دون تردد ونجعله ركناً نتكئ عليه في ممارساتنا، وخاصة ان فوائد صلة الرحم كثيرة وعديد، نعالج بها مشاكلنا الاجتماعية التي بدأت تتفشى في مجتمعنا هذا.

في زيارتي لتركيا خلال اجازة عيد الفطر وزيارتي الاخيرة في عيد الاضحى، لاحظت ان الحكومة مهتمة كثيرا باعطاء الشعب فترة اجازة تعد طويلة نوعاً ما في هذا البلد وصلت في عيد الفطر الماضي الى تسعة ايام، بالاضافة الى اعفاء العابرين عبر المنافذ والجسور من التعرفة المالية المقررة على عبور المركبات، وكما سمعتُ انه تم اعفاء المواطنين في فترة الاجازة من دفع رسوم التنقل في المواصلات العامة، وسألت عن السبب فقيل لي بان الحكومة تعمل على تشجيع المواطنين العاملين في مناطق متفرقة من تركيا بالتواصل مع عائلاتهم اسرهم، فقلت في نفسي ما هذا التفكيرالراقي .. ان الذين يتبنون مثل هذه لابد وان يكونون متميزين وعلي درجة عالية من الفكر الاجتماعي والحضاري الذي يبني المجتمعات ولا يهدمها.. والذي يبني فهو شخص يرتقي بالنفس البشرية ويعطيها المزيد من الثقة والحب والترابط وحب الوطن ويعطيها الامل لغد مشرق.
ومما يؤثر في نفوسنا هو عندما تقوم بسؤال بعض الاصدقاء مثلا عن اخوته او والديه .. يرد عليك "والله صار لي فترة ما شفتهم او ما مريت عليهم" .. فعلا شيء مؤسف ومؤثر هذا التفكك والتباعد ..

كم كنت اتمنى ان يكون لدينا برنامجاً وطنيا ذو اهداف وبرامج واضحة تحقق لنا ما نصبوا اليه من ترابط اسري ومجتمعي، يزيدنا قوة مع مرور الزمن، وما احوجنا لتلك البرامج في هذا الوقت بالذات، خاصة وان النظم المستوردة بدأت بالتغلغل في مجتمعنا وخاصة نظام دوام العمل اليومي الطويل الذي يمتد الى ساعات متأخرة من النهار، مؤثراً على تواصل الفرد بمجتمعه وبأهله وبأرحامه .. فنظام العمل اليومي لرب الاسرة مرهق لا يتوافق مع اوقات بقية افراد الاسرة خاصة مع الابناء والزوجة اذا كانت تعمل، ثم نأتي لنظام الاجازات الذي نجد فيه علل وتضارب وخاصة في المؤسسات التعليمية ، فاجازات الطلبة انفسهم في الجامعات وفي المدارس الحكومية وفي المدارس الخاصة متفاوته وغير منسقه، ونجد بعض اولياء الامور يكون محتاراً في حال ان يكون لديه اولاد في المدارس الحكومية وفي المدارس الخاصة وهو عازم على السفر .. فهذه كارثه .. نحن نخلقها بانفسنا كمسؤولين ، ونخلق التباعد بين افراد الاسرة الواحده بعدم قدرتنا على توفير المناخ المناسب لالتقاء افراد هذه الاسر..(كلٌ في فلك يسبحون) ..
وكم وعدنا من قِبل المسئولين بتوحيد الاجازات على الاقل بين المدارس (خاصة وحكومية) ولكن للاسف لم يحدث .. وتوحيد المدارس مع الكليات كذلك لم يحدث، لماذا كل هذا التخبط في هذا الامر ..؟ والجواب بسيط انه لايوجد لدينا برنامجا ،طنيا ذو اهدف واضحه يتم الرجوع اليه عندما تواجهنا مثل هذه الامور. !!

وفي نهاية هذا المقال اتمنى ان يتم تبني برامج واضحة تحقق الترابط الاسري السليم، وبها نوثق صلة الارحام ، ثم ان نقوم بتعزيز التقارب والتلاحم بين افراد الاسرة الواحدة وان نعمل على توحيد العطلات الرسمية والسنوية ونكيف اوقات الاجازات بما يحقق ويعود بالنفع على افراد المجتمع
هذه امور لابد ان نقف عندها وان نجعل الاجازات ذات قيمة تفرد لها البرامج، لتحقيق الاهداف المجتميعة الاسمى ، ونجعل الترابط الاسري وصلة الرحم هي القيمة الاعلى من قيم مجتمعنا، وهذا بالطبع لابد وان يكون من اولويات حكومتنا الرشيدة وخاصة الوزارات المعنية بهذه العملية.

والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق