كثيرا ما تُذكر هذه الجملة "الضمان الاجتماعي" ، دون أن نتعمق في مفهومها نتعرف على تطبيقاتها.. ونحن في أمسّ الحاجة لتطبيق وترسيخ مفهومه الضمان الاجتماعي ، لأننا سوف نحتاج إليه في حياتنا أو في وقت من الأوقات سنكون أكثر حاجة له.
في المجتمعات المتحضرة او بالأحرى الغربية يُعتبر الضمان الاجتماعي جزء من ثقافة وحياة أفراد المجتمع ولا يستطيع المرء ان يعيش بدونه وبدون الاستفادة من حماية الدولة له في مراحل حياته.
لقد استوقفتني رسالة قرأتها في البريد الالكتروني جاءتني من احد الإخوة الأعزاء والتي كانت عبارة عن مقال بقلم السيد جميل محمد علي فارسي شيخ الجواهرجية في جدة، حيث استعرض مقابلته لوزير فلندي تناول الضمان الاجتماعي في جمهورية فنلندا، الذي يعتبر من المجتمعات التي تفخر بنظامها الاجتماعي والمعيشي الذي يكفل الحياة الهانئة لأفراده ، ويكفل الحياة الكريمة للذين لا يعملون (كبار السن والمتخلفين عقليا والأطفال).
فنلندا من الدول الاسكندنافية التي لا تمتلك ثروات نفطية.. ولا ثروات كبيرة تستخرج من باطن الأرض، وكانت تعتمد اعتمادا كبيرا على قطع الأشجار وبيعها، ولكنها تحولت وفق رؤية ثاقبة إلى دولة رائدة في صناعة الورق والأخشاب وأيضا دخلت في مجال جديد خططت له جيدا وهو مجال الاتصالات بمنتجها الذي غزا العالم ولا تخلو دولة أو مدينة أو بيت منه وهو جهاز الهاتف المتحرك نوكيا .. .
فنلندا إحدى دول اسكندنافيا (السويد، النرويج، الدنمارك، فنلندا) التي تتميز هذه دول بأنظمتها الاجتماعية المتميزة التي تعطي المواطن حقه كاملا ورعايته من مولده إلى وفاته، وتضمن له العيش الكريم الذي يستفيد منه جميع المواطنين دون استثناء ودون تمييز، ولكن ما الذي جعلهم يرتقون إلى هذه المنزلة التي نتمنى أن نصل إليها؟ بكل بساطة أقول ما نذكره السيد جميل محمد علي ولخصها في أربعة نقاط هي..
أولا: الشفافية وانعدام الفساد الإداري، كأني به قال (الفساد شبه منعدم ولا نعرف أصلاً عمولات أو رشاوى أو استقطاعات أو منح أو استثناءات أما الشرهات فهو علم لا نعلمه).
وثانيا: العدالة الاجتماعية وقال إن الفوارق الطبقية هي كأدنى ما يكون.
أما ثالثا: فهو الاستقلال التام للقضاء.
ورابعا: التعليم الجيد مع الضمان الصحي الممتاز.
واقول نعم .. هذه الأمور التي ذكرت اعلاه ميزت هذا المجتمع وهذه الدولة لترتقي إلى مصاف الدول المتميزة، وان كنا ننادي بان يتم الاقتباس من التجارب الاسكندنافية والاستفادة منها أو أن نأخذ بأحسنها دون أن نتفلسف ونضع المبررات ونضع النظريات وتضيع الأمور دون أن نصل إلى شي يذكر سوى بقاء الحال على ما هو عليه.
ثم هناك ممارسة جميلة جدا أحب أن اذكرها لكم وكيف تسعى الحكومة إلى تغيير واقع في سنوات معدودة.. حيث قام الفنلنديين بالتعامل مع قضية حساسة بكل واقعية وحرفية، وهي أن فنلندا كانت من الدول التي ترتفع فيها نسبة الموت بأمراض القلب، حيث تصل نسبة الوفيات بهذه الأمراض إلى نسبة ٥٦٪ وهي نسبة عالية جدا، وفي التسعينات بدأت خطة شاملة لمكافحة المرض والتعامل مع مسببات الإصابة به وتغيير نمط العيش، فقامت بتوعية شاملة لكل شرائح المجتمع وكيفية التعامل مع هذه المعضلة من قبل أفراد الشعب، وكيفية تغيير نمط التغذية، حيث قامت الدولة بمساعدتهم واستيراد المواد الغذائية المناسبة وتنظيم حملات توعوية غيرت المجتمع الفنلندي من مجتمع يعني من تفشي أمراض القلب بين مواطنيه ، إلى مجتمع سليم معافى وحيث يعتبر الأقل حاليا في الاصابة بأمراض القلب بين الدول الصناعية، وفي زمن قياسي لا يتعدى العشرين سنة.
فهل نستطيع نحن تغيير ممارساتنا التي ننتهجها إلى ممارسات جديدة تقوم على الرعاية التي تنبع من قيمنا وثقافتنا وتكون واقعاً نفتخر به وعملا مؤسسياً ينعكس بالخير على جميع المواطنين والمقيمين على أرضنا الطيبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق