منذ فترة وانا أُتابع العلاقة بين الروسية الايرانية، والدعم الروسي المستمر للمواقف ايرانية تجاه العديد من القضايا بدءاً بالمشروع النووي الايراني الى مواقف ايران في العراق واخيرا في سوريا.
ولم يأتي صلابة الموقف الايراني وعدم اكتراثه بالتهديدات الغربية من فراغ، وانما جاء من داعمٍ قويٍ يعمل في الخفاء ليفسد جميع الجهود الغربية الضاغطة عليها لتغيير موقفها تجاه تلك القضايا ذات الاهمية العالية بالنسبة للسلام العالمي.
فمواقف روسيا اصبحت الان اكثر تبايناً ووضوحاً، من دعمها لايران ومشاريعها المثيرة للجدل من خطط توسعية وبرنامجها النووي المريب وغيرها من الامور.
وقامت هذه العلاقة بينهما على اساس المصالح المتبادلة والمتكاملة فالتقارب الايراني الروسي لم ينشأ من فراغ وانما هناك نوع من التفاهم نتج عن ترسبات سابقة تمثلت في عدة امور نوجزها في النقاط التالية:
مساعدة المسلمين السنة للافغان اثناء الغزو السوفيتي لافغانستان حيث كانوا سببا في خسارة الروس لهذه الحرب، مما كان له اثر سيء على المنظومة العسكرية الروسية، على العكس مما قامت به ايران اثناء الغزو الروسي لافغانستان، بدعمها الظاهري للمقاتلين الافغان ولكنها تساعد الروس في الخفاء من خلال حلفاءها من شيعة الهازارا الافغان.
الدعم المباشر من قبل بعض الجماعات السنية للجماعات الجهادية في الشيشان وغيرها من الجمهوريات الروسية، وخلق منغصات كبيرة للجيش والحكومة الروسية، انعكس ذلك على ردة الفعل الروسية تجاه العرب السنة.
التحالف المباشر بين الدول العربية وخاصة السنية منها مع المعسكر الغربي، ونكران الدور الذي لعبه السوفييت في دعم القضايا العربية اثناء الغزو الثلاثي وغيرها من الحروب والازمات التي المّت بالدول والمنطقة العربية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي.
جوانب اقتصادية وهي استيعاب السوق الايرانية للمنتجات والبضائع الروسية في هذه الاوقات والتي يقاطع فيها العالم ايران.
المطمع الروسي القديم وهو الوصول الى مياه الخليج وبحر العرب خاصة ان المنفذ الوحيد المتاح هو ايران وشواطئها الممتدة من الخليج العربي الى بحر العرب او خليج عمان.
شراء الاسلحة والمعدات المختلفة من روسيا التي لا يعلن عنها عادة، والقيام بتطويرها داخليا او عن طريق دعم الصناعة الحربية الروسية.
فكل ما تم ذكره اعلاه يبرر التوجه الروسي من موقفه من ايران ومن محاولته الاستفادة من هذه العلاقة لتحقيق مصالحه الاقتصادية والجيوسياسية ليضمن له موقع مستقبلي على الخارطة العالمية التي فقدها بفقدان سيطرته على العديد من المواقع في العالم خاصة اوروبا وافريقيا، فحقق لها ذلك الضعف والانكسار وعدم القدرة على مجابهة السيطرة الامريكية وتهديدها الدائم لمواقع نفوذه، فكان من الضروري من وجهة نظرهم خلق تحالف جديد يخدم ذلك التوجه، فذهب الى عقد الاتفاقيات مع الصين وايران وبعض الدول منها سوريا ليضمن تواجده في قلب منطقة الشرق الاوسط.
فالدب لروسي ناقم وحانق على المسلمين السنة ويعمل على رد الدين ورد وقوفهم مع اخوانهم ضد روسيا في حربها في افغانستان او في حربها ضد الثوار الشيشان وغيرهم.
ولا ننسى تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف الذي قال ان روسيا لن تسمح بوجود حكومة سنيّة في سوريا، مما اظهر لنا ان هناك شيء دفين في ضمير الحكومة او الحكومات الروسية المتعاقبة بدأ يظهر الآن، وبدأ يهدد المنطقة العربية بشكل خاص من خلال التمدد الروسي الايراني .
اما الجانب الايراني فمن المهم جداً ان تكون علاقته متميزة مع روسيا بعد الحصار الاقتصادي العالمي، لتكون روسيا البوابه المهمة للواردات ثم الصادرات الايرانية وتبقى العلاقة مستمرة ويبقى الدعم الروسي لايران ومشاريعها المثيرة للجدل مستمراً.
فعلاقة روسيا بايران علاقة مبنية على تحقيق مصلحة متبادلة بينهما، مبنية على بعض الاطماع التاريخية والاحقاد المتراكمة والرغبة في الهيمنة التوسعية لكلا البلدين، كان ذلك على المستوى الاقليمي او ماي تجاوزه، وسوف يستمر هذا التحالف الى ان تبرز مصالح اخرى لاحدى او كلا البلدين تتحدد فيها درجة تباين هذه العلاقة ، فاما ان يتراجع حجم وقوة هذا التحالف او ان يستمر لمراحل جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق